حينما أتت أول مرة كانت غير مقتنعة بجدوى العلاج، وترى أنها بوضع جيد ولا تؤثر عليها الصدمة التي مرت بها، ولا تفهم لماذا يصر الأطباء أن مشكلتها نفسية.
فقد كانت تصاب بدوار شديد وتسقط على الأرض مغميا عليها وهي بعملها، كما كانت تشعر بتسرع نبضات قلبها.. وقد اضطروا لأخذها اسعافيا من مكان عملها بعد أن سقطت مغشيا عليها وهي بالعمل.
أصر من حولها أنها بحاجة لعلاج، وذهبت لطبيب نفسي لكنه رفض أن يعطيها دواء فقط وأوصاها أن عليها المتابعة بالجلسات النفسية..
وقد أتت لي بعدها وهي مترددة، ومتشككة بجدوى عملنا..
حينما أجريت لها مقاييس اضطراب ما بعد الصدمة كانت النتيجة مرتفعة، كذلك كانت نتيجة نمو ما بعد الصدمة مرتفعة كذلك بالمقابل..
كانت شخصية منجزة فعالة، لكنها متجنبة تماما لمشاعرها.. وترفض الاعتراف بالضعف أو تقبله. ولولا أن جسدها أعلن عصيانه عليها وبدأ يطالبها بأن تنتبه لداخلها لما مشت بطريق العلاج.
الجلستين الأولى كانت تثقيفية حول ما يحصل داخل جسدنا حينما نتعرض لصدمات نفسية قوية، كانت مهتمة وبدأت تستوعب ما كان يحصل معها أكثر، حتى وصلنا للعلاج بالتعرض المطول (وهو نوع من العلاج يقتضي تذكر تفاصيل الحدث الصادم مع ضوابط أمان، مما يعين العقل على استيعاب الحدث ويعالج الآثار التي نتجت عنه).
البداية كانت صعبة، وخاصة أن الأحداث التي مرت بها قاسية ويصعب على العقل تقبلها، لكنها تعاونت معي بالعلاج.. وتحملت الألم الذي تحمله بداياته… حتى وصلت للتعافي والقدرة على التعايش مع الصعوبات التي مرت بها.
لم تعد تلك الأحداث كابوساً يلاحقها، ولم تعد تؤثر على جسدها، وتقبلت أنها كانت لخير وأن الصدمة التي لا تكسرنا تقوينا بالتأكيد.
هي الآن شخصية مؤثرة بمحيطها، وصارت قادرة على التعبير عن مشاعرها وتقبل لحظات ضعفها، وطلب المساعدة حينما تحتاجها.